ضعف القنوات المغربية يعود إلى الواجهة في قضية ريان.. سمح لمواقع بارتكاب فظائع مهنية والتلفزيونات العربية تولت سد الفراغ
كثيرة هي القضايا التي برزت فيها حاجة المغرب لقناة إخبارية قوية قادرة على تغطية قضاياه الداخلية بشكل احترافي، وأيضا لمواجهة العديد من الإشاعات والتقارير المضللة المُوَجَّهة ضده أو لتصحيح "سوء الفهم" الذي تتسبب فيه قنوات أجنبية للمتلقين في الخارج، لكن هذه الحاجة برزت بشكل أكثر حدة في قضية الطفل ريان الواقع في بئر بمنطقة قروية معزولة بإقليم شفشاون، وأضحى الأمر حاليا مطلبا مهنيا بامتياز في مواجهة ما تنشرع بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي والتي أساءت للعمل الصحافي المغربي.
وتخطت قضية ريان حدود المملكة لتُصبح قضية إنسانية يتابعها الناس باهتمام كبير عبر العالم وخاصة عبر الفضائيات العربية، وللغرابة، فإنه في الوقت الذي وجد المغاربة فيه أنفسهم مجبرين على الانتظار إلى مواعيد النشرات الإخبارية الاعتيادية للحصول على معلومات دقيقة حول تطورات الوضع، كانت القنوات العربية، وبواسطة أطقم مكونة من مراسلين ومصورين صحافيين مغاربة يضبطون بشكل كبير قواعد وأخلاقيات مهنة الصحة، تتابع الموضوع على مدار الساعة.
وهكذا فإن القناة الأولى والقناة الثانية احتفظتا بشبكتهما البرامجية العادية مع التطرق لموضوع ريان عبر نشراتهما الإخبارية، ورغم أن تقاريرهما ومراسلاتهما كانت على درجة كبيرة من المهنية وتعطي معلومات مهمة وموثقة، إلا أن وتيرة ذلك كانت تتيح مجالا كبيرا لفيديوهات الهواة و"مراسلي" المواقع الموصومين بالضعف المهني، لارتكاب أخطاء ميدانية وتمرير أخبار زائفة، في حين كانت قناة "ميدي 1 تي في" الأقرب نسبيا لما تقدمه القنوات العربية بحكم أن نشَراتها تُبث على مدار الساعة.
وفي مقابل ذلك، كانت قناة "الجزيرة مباشر" القطرية و"العربية" السعودية، مثلا، تقدمان تغطية متواصلة على مدار الساعة لهذا الموضوع، لدرجة أن هذه الأخيرة استضافت هاتفيا والد الطفل ووالدته وعمه لفهم ما جرى بالدقة وللتحقق من مشاهدتهم له عبر الفيديو وهو على قيد الحياة، كما استضافت مختصين في علم الجيولوجيا لفهم طبيعة المنطقة والأشغال الواجب القيام بها لإنجاح عملية الوصول إلى ريان، في حين كانت قنوات مثل "التلفزيون العربي" و"الغد" تتوفر على مراسلين في عين المكان يقدمون كل جديد حول الموضوع استنادا على مصادر ذات مصداقية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تأخذ فيها القنوات العربية دورا كان يُفترض في القنوات المغربية أن تقوم به، فبالعودة إلى موضوع التدخل الميداني للقوات المسلحة الملكية في الكركارات ضد عناصر "البوليساريو"، كانت التقارير المدافعة عن الطرح المغربي وعن سيادة المملكة على أقاليم الصحراء، الأقوى والأوسع انتشارا، هي تلك التي تبثها قنوات توجد مقراتها في السعودية والإمارات ومصر، والتي استطاعت مواجهة تقارير معاكسة بثتها القنوات الجزائرية أو قناة "الميادين" الموالية لإيران وسوريا و"المنار" الموالية لحزب الله و"العالم" الإيرانية و"روسيا اليوم".
لكن، هذه المرة، خلق الفراغ الذي تسبب فيه عجز المغرب على إطلاق شبكة، أو على الأقل قناة واحدة قوية ذات طبيعة إخبارية، مساحات واسعة للعديد من المنابر الإلكترونية المفتقرة للمهنية، والتي غطى عملها على عمل منابر أخرى استمت تغطيتها بالكثير من الدقة والموضوعية والتحري، لدرجة أن "الفضائح" التي ارتكبها بعض "المراسلين" أصبحت ثاني أهم موضوع تتداوله الألسن خلال الـ72 ساعة الماضية بعد موضوع كيفية الوصول إلى الطفل ريان.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :